أفكار وآراء

البرنامج الوطني لتنمية مهارات الشباب .. مستقبل أفضل

25 يناير 2020
25 يناير 2020

سالم بن سيف العبدلي / كاتب ومحلل اقتصادي -

[email protected] -

الشباب هم عماد المستقبل وهم الثروة الحقيقية لأي مجتمع من هنا فإن المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- كان حريصا كل الحرص على تعليم وتدريب وتأهيل الشباب وكان في كل محفل يحث الشباب على الجد والاجتهاد والمثابرة ويؤكد على أهمية الشباب في بناء الأمم، من هنا جاءت فكرة البرنامج الوطني لتنمية مهارات الشباب في نسخته الثانية والتي تم تدشينها الأسبوع الماضي والتي تستهدف تدريب 15 ألف طالب وطالبة ضمن الفئة العمرية من 15 إلى 17 عامًا من كافة محافظات ومدارس السلطنة في إطار المبادرات التي يرعاها ديوان البلاط السلطاني.

الفئة العمرية التي ركز عليها البرنامج تعتبر أهم مراحل الشباب ففيها تتكون مدارك العلم والمعرفة والنضوج وفيها تترسخ العلوم فهي مرحلة فاصلة بالنسبة للشباب يستطيع فيها الطالب أن يستوعب مختلف العلوم وما أحوجنا في هذا الوقت إلى تأهيل جيل يستطيع أن يواكب التطور والتقدم المتسارع.

وهذا ما أشار إليه المسؤولون عن تنفيذ البرنامج والذين أكدوا أن البرنامج يعكس اهتمام السلطنة بدور الشباب للعبور إلى عصر انطلاق يرتكن إلى مكتسبات وقواعد متينة لنهضة مباركة تقوم على إعداد جيل مؤهل تأهيلًا جيدًا يتماشى مع سياقات العلم الحديث ويحافظ على قيم وطنه ويمتلك رحابة الحلم والقدرة على تحقيقه.

كما أن البرنامج يعتمد على البناء على ما هو قائم فعلا من تنمية ومن علوم ومن مكتسبات خاصة أن عملية البناء والتنمية مستمرة وأن البناء على المنجزات أمر ضروري لمواصلة المسير وأن البرنامج الوطني لتنمية مهارات الشباب يستثمر كل ما تم إنجازه في تعليم وتأهيل الناشئة للانطلاق لمرحلة جديدة يمتزج فيها التعليم بالتقنية في رحلة تعلم ممتعة ومستمرة.

ولتسليط الضوء على البرنامج وحسب ما نشر في الصحف المحلية فإنه يتضمن عدة مسارات أو مراحل حيث «يعكس أننا أمام مهمة لبناء جيل ممكّن من التقنيات والأدوات والأساليب الحديثة «يكون قادرًا على الإبداع والمعرفة وليس مجرد مستهلك لها، كما أنه يملك انفتاحًا على العالم ومتمسكا بقيمه الذاتية الثرية لينطلق منها نحو العالمية، مبينًا أن التركيز على فئة الناشئة جاء إيمانًا بما تمثله هذه المرحلة من أهمية كبرى في اختيار الناشئة تخصصاتهم المستقبلية.

مسار الناشئة حسبما ذكر سيعمل على تعزيز مهارات ومبادئ وسلوكيات وقيم الشباب ليكونوا أكثر اتساقًا مع عصر الثورة الصناعية الرابعة وتمكينًا لأدوارهم القيادية في خدمة وطنهم، كما سيمنح المشاركين المهارات اللازمة للتعامل مع المواقف المختلفة في الحياة استنادًا إلى تطبيق المفاهيم الحديثة على المحتوى التعليمي بطريقة ممتعة ومحفزة للتفكير تهدف إلى إكساب الطلبة مهارات حل المشكلات بطرق إبداعية واستخدام المنطق والتكنولوجيا في تطوير الحلول المناسبة.

وحسب ما نشر عن البرنامج فإنه ستكون بدايته مع «مرحلة التعلم الإلكتروني» التي ستركز على تعليم الناشئة أساسيات ومهارات البرمجة بلغة (بايثون) التي تُعّد من أهم اللغات المستخدمة حاليًا في تطوير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة عبر منصة رقمية باللغتين العربية والإنجليزية تم تصميمها خصيصًا للبرنامج وسيعمل المشاركون خلال هذه المرحلة على ابتكار مشروعات تطبيقية رقمية سيتم تقييمها من خلال خبراء عالميين لاختيار (200) مائتي طالب وطالبة للمشاركة في المرحلة التالية من البرنامج.

سوف يشارك المتأهلون للمرحلة التالية من المسار «مرحلة برنامج الإقامة» في برنامج تدريبي مكثف يستمر أسبوعين يتضمن حلقات عمل تفاعلية تطبيقية في مجال المعارف التقنية ومفاهيم علوم البرمجيات والروبوتات وتصميم بيئات الواقع الافتراضي وعدة تطبيقات أخرى للثورة الصناعية الرابعة بالإضافة إلى مهارات القيادة الرقمية والمهارات السلوكية ومهارات القرن الحادي والعشرين ومقدمة في الثقافة المالية للناشئة.

ويتضمن البرنامج أيضا جلسات مع خبراء محليين وعالميين وزيارات ميدانية إلى بعض المرافق التقنية المتقدمة في السلطنة على أن يُختتم بفعالية تقنية مكثفة لمدة يومين حول كيفية تطوير المشروعات والتطبيقات الذكية وستقام هذه المرحلة في حرم الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في السلطنة.

ويركز البرنامج على كل ما يدعم قدرات الطلبة والطالبات لتمكينهم معرفيًا من أدوات العصر الحديث والاقتصاد الجديد عبر مكونين رئيسيين يقوم الأول على المعارف التقنية التطبيقية فيما يقوم الآخر على مهارات التعامل مع المواقف والمهارات الحياتية بما يعكس نظرة متكاملة تجمع بين الانطلاق في نهل العلم الحديث ومهاراته ويرتكن على الحفاظ على القيم والمبادئ الوطنية والإنسانية.

وأخيرا نقول إن هذا البرنامج إذا ما تمت إدارته بطريقة محترفة وتم تنفيذه حسب البرنامج المعتمد واختيار الفئة المستهدفة للمشاركة فيه بدقة وعناية فإنه سوف يؤهل جيلًا من الشباب الواعي والمتسلح ليس بالعلم فحسب وإنما بالمهارات والقدرات التي تؤهله لخوض غمار المستقبل بكل ثقة واقتدار ومزود بالقيم والمهارات والمعارف اللازمة للنجاح في ميادين العمل المستقبلية ومستعد لعصر الثورة الصناعية الرابعة وما بعدها.